أيوا بنحبك يا مصر .. وحنشجعك .. ومحدش حيقدر يوقعك
كتب : هيثم نبيل
إنها التاسعة صباحاً .. يوم مباراة مصر والجزائر عام 89 .. تحركت من المنطقة التي أسكن فيها – المنيل – مع جمع من الأصدقاء نحو إستاد القاهرة.
أكثر من 20 سيارة تحمل أعلام مصر وتتحرك في موكب ضخم كانت رؤيته معتادة في هذا الوقت عندما يلعب منتخب مصر أو الأهلي أو الزمالك مباراة هامة .. شباب من جميع الأعمار يهتفون – مصر مصر مصر – الأهالي من البلكونات يهتفون معنا ويقولون "ربنا ينصركم يا ولاد" ونتوجه إلى إستاد القاهرة في يوم لن أنساه أبدا ما حييت .
دخلنا الملعب وكنا في أمكاننا حوالي الساعة الثانية عشر قبل المباراة بأربعة ساعات تقريباً .. لا يوجد مكان لقدم .. الكل يهتف بصوت واحد – مصر مصر مصر
يبدأ اللقاء وتضغط مصر ويضع حسام حسن الهدف الذي جعلنا جميعا نصرخ بدون وعي وكأننا أصبنا بالجنون .. تضغط الجزائر في آخر 20 دقيقة بشكل كبير والملعب كله – بل مصر كلها – تلهج بكلمة واحدة " يا رب " .. ويطلق الحكم صافرة النهاية وتصعد مصر إلى كأس العالم بإيطاليا عام 90
نخرج في فرحة هيستيرية نجوب شوارع القاهرة ونصل إلى حي المنيل الذي تحول إلى ساحة لكرنفال كبير .. لا مجال لحركة السيارات .. الكل يقف على قدميه .. الشربات يوزع في الشارع .. الشيكولاته تلقى عليك من كل مكان والكل يهتف – مصر مصر مصر .
بعد أكثر من ثلاثة ساعات من الهتاف المتواصل والفرحة العارمة صعدنا إلى منازلنا لنجد أهالينا " إللي ملهومش في الكورة أصلا " سعداء يباركون لنا ويقولون " مبروك لمصر يا ولاد " .. نضحك ونقضي يوم لا يمكن أن ننساه .. لقد صعدنا إلى كأس العالم واسم بلدنا أصبح يذكر بجوار أبطال أوروبا وأبطال العالم ولو في كرة القدم .
تكررت المواقف ذاتها في 2006 وفي 2008 من شباب مثلنا خرجوا دون أي قيد ليهتفوا باسم مصر .. وسيظل هذا الشعور بحب الوطن على مدار العمر يخرج من قلوب الشباب المصري ليهتف باسم وطنه .. نعم هي في النهاية كرة قدم ولكن المهم أنه يهتف باسم وطنه .
هذا الشباب أيها السادة .. الذي يعاني من البطالة .. الظلم .. الكبت .. الحرمان .. الإضطهاد .. المستقبل المظلم .. يهتف باسم مصر – فقط في كرة القدم – لأنه يشعق تراب هذا الوطن دون مقابل !!
لأنه بيحب بلده " مش اللي مسكين بلده " .. لأنه يتمنى أن يرى هذا الوطن يحقق أي نجاح .. في أي مجال .. في أي وقت لكي يقولها من قلبه " مصر مصر مصر "
هذا الشباب أيها السادة الذي أعطاكم وسيعطيكم درساً في حب الأرض والوطن دون مقابل .. هذا هو الشباب الذي تحاربونه .. والفرق بينه وبينكم هو:
شباب يعشق وطنه ... وآخرون ينهبون هذا الوطن !!
أشوفكم في الإستاد ..
اسمعوا الرسالة دي وياريت اللى بالى بالكم يفهموا:
على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
وأنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب
وباحبها وهي مرميه جريحة ف حرب
باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
|